تفسير سورة الهمزة
📚 *تفسير و تدبر سورة الهمزة من دورة الأترجة .*
💥 سورة مكيَّة
💥علاقتها بالسورة التي قبلها ( سورة العصر )
هي سورة تعد لنا أصناف من الناس الخاسرين المذكور في قوله تعالى في سورة العصر :
﴿ *إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*﴾.
منها :
فالخاسرون هم خلق كثيرون جدًا، منهم أولئك الذين يلمزون الناس ويهمزونهم، ويسخرون منهم ويجمعون المال جمعًا شديدًا ويعددونه ، ولا ينفقونه في سبيله .
🔮قال تعالى :
📖﴿ *وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ*﴾.
💦﴿وَيْلٌ﴾ : ذكر فيها قولان :
- أنه وادٍ في جهنم.
- أنها كلمة تهديد وعذاب ووعيد ، وهذا أظهر وأقرب إلى الدلالة اللغوية خصوصًا وأن المعنى الآخر لم يرد فيه أحاديث صحيحة .
💦فنقول : تهديد شديد. لمن ؟
قال تعالى : ﴿لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾
💦 يعني همَّاز لمَّاز.
❓مَن هم الهزة ومَن هم اللمزة ؟
⭕اختلف المفسرون فيهم :
💦 فقيل :
- الهمزة : المغتاب الذي يغتاب الناس .
- واللمزة : الطعَّان الذي يطعن فيهم ، فلان طويل، قصير ، غبي ، بخيل ، إرهابي ، أصولي ، متزمِّت، مجرد أنه يُلقي الكلام ويطعن الناس ، هذا يسمى الطعَّان . هذا قول .
🎌ومن المفسرين مَن قَلَب، قال:
- الهمزة: هو الطعَّان.
- واللمزة: هو المغتاب.
🎌ومنهم من قال:
- الهمزة : الذي يهمز الناس بيده.
- واللمزة: الذي يسخر منه بلسانه.
🎌السخرية باليد تسمى همزة ، يعني لو مرَّ بك إنسان وأشرت إلى أنه هكذا - يعني عقله خفيف- هذا يسمى همزة.
واللمزة باللسان .
🎌وعلى كلٍ فالهزة واللمزة تُطلق على العيَّاب الطعَّان المغتاب الذي يسخر من الناس بلسانه ويده ، سواء قلنا المعنى هذا لهذه اللفظة أو لتلك اللفظة، في النهاية هاتين اللفظتين تُطلق على كل هؤلاء الذين يحملون هذه الأوصاف .
❓ما الذي يحمل هؤلاء على أن يهمزوا الناس ويلمزوهم ويسخروا منهم؟
⭕ كِبرٌ في قلوبهم يحملهم على إحتقار الخلق وذمِّهم والطعن فيهم ، فليس له همٌّ إلا ذلك .
💦وهذه سورة في بيان عقوبة هؤلاء الخاسرين الذين يسخرون من الناس ويتكبرون عليهم.
❓ما هو الكبر ؟
⭕« الكبر هو بطر الحق و غمط وفي رواية أخرى : غمص - الناس » .
❓ما معنى «غمص الناس» ؟
⭕ استصغارهم احتقارهم ، بما لا يكن احتقارًا في الحقيقة ، لكن هو يراه احتقار .
🔮قال تعالى :
﴿ *الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ*﴾
💦 هذا هو سبب الغمص، وسبب الهمز واللمز ، لأن ماله كثير جدًا، أرقام خيالية ، تحمله على أن يفخر و يتعالى على هؤلاء الخلق .
🔮قال سبحانه :
﴿ *الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ*﴾
💦 يظن أن هذا المال هو مصدر القوة العظمى، وأنه سيمنع عنه الموت ، و أنه سيجلب له الخير والسعادة ، وأنه سيجعله أعلى من بقية الخلق .
و أنه سر هذا الوجود ، و سبب العلو في الأرض ..
⚡ مثل ما ضرب الله لنا المثل بالرجلين في سورة الكهف لما قال : ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً﴾ [الكهف: 34- 36]
💦لاحظوا كثرة المال والاغترار به جعله يغيِّر حتى التصورات والاعتقادات إلى أنه لو بعث في الآخرة سيكون مآله الجنة .
💦 انظر إلى أي درجة من درجات الانشغال العظيم بهذا المال ، والتغيُّر الداخلي للقلب بسبب أن الإنسان ركن إلى هذا المال الذي بيده .
🔮قال سبحانه :
📖 ﴿ *يَحْسَبُ*﴾ أي يظن.
📖﴿ *أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ*﴾.
🔮قال الله منكرًا عليه: 📖 ﴿كَلاَّ﴾
💦 ليس الأمر كما تعتقد فهي ردع وزجر عن الهمز واللمز ، وجمع المال وتعداده والظن أنه سبب للخلود ، كلا ، بل الذي سيحصل ما يلي :
📖﴿ *لَيُنْبَذَنَّ*﴾ أي ليُطرحنَّ طرحًا من غير مبالاة .
💦 النبذ هو : الإلقاء من غير مبالاة.
﴿ *لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ*﴾
💦 أي ليُلقينَّ في النار التي تحطم مَن يُلقَى فيها.
💦سميت "حطمة " لأنها تحطم مَن يُلقى فيها ، لا تبقي فيه شيئًا من شدة حطبها له .
🔮قال سبحانه :
﴿لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ﴾
❓أي شيء هذه الحطمة ؟
⭕ إنها شيء مهول عظيم ، وهذا أسلب من أساليب التهويل والتفخيم والتعظيم للشيء .
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ﴾؟
⭕ ﴿نَارُ اللَّهِ المُوقَدَةُ﴾ 💦يبيِّن ما هي الحطمة ، أنها نار الله ، و ما تُنسب إلى الله إلا لهولها وعظمتها ، وإلا فكل شيء في الكون هو لله - عز وجل - لكن ما نسبت إليه إلا لتفخيمها.
⛔لاحظ : ما قال :
"نار الرب الموقدة"
⭕ لأن الرب يقتضي الإنعام والعطف والرحمة. لذلك قال سبحانه :
﴿نَارُ اللَّهِ﴾ ، ذو الهيبة والجلال الذي ينتقم من هؤلاء الذي يحتقرون الناس ويعتدون بالأموال.
📖 ﴿ *المُوقَدَةُ*﴾
💦 التي أوقدت، أوقد عليه ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة - نسأل الله العافية .
📖 ﴿ *الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ*﴾
💦 النار تطلع على الأفئدة .
💦يعني تنفذ إلى داخل أجوافهم حتى تصل إلى قلوبهم .
❓ لماذا خصَّ الأفئدة في هذه السورة ؟
💦لأن الهمزة واللمزة مشكلة أصلها قلبية ، يحمل الإنسان على أن يعيبهم ويحتقرهم ويؤذيهم بلسانه.
﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾، 💦يظن ظنًّا قلبيًّا أن ماله سيُخلده ، إذن هذه ذنوب قلبية تستحق عذابًا يصل إلى أفئدتهم ، وهذا من عدل الله - عز وجل - أن العذاب يذهب إلى المكان الذي صدر منه الكفران والجحود والبلاء.
🔮ولذلك قال سبحانه : 📖﴿إِنَّهَا﴾ أي النار.
📖﴿ *عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ*﴾
💦 أي مطبقة ، لا يستطيعون الخروج منها ولا الانفكاك عنها.
🔮ثم قال سبحانه :
📖﴿ *فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ*﴾ ﴿فِي عَمَدٍ﴾
💦 أي أهل النار يوضعون في عمد تخترق أجسادهم وأجوافهم حتى يشتد عليهم العذاب ، فهم يُصلون بالنار صليًا.
💦 أو أن هذه الأبواب أو هذه النار مؤصدة ، أي مطبقة عليهم إطباقًا بعمدٍ ممددة بحيث لا يستطيعون الخروج من أبوابها.
وكلا المعنيين تحتمله الآية، والعلم عند الله -سبحانه وتعالى.
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتكم تسعدني