تفسير سورة التكاثر

📚  *تفسير و تدبر سورة التكاثر من دورة الأترجة*

💦هذه السورة مكيَّة.
💦وموضوع هذه السورة هو : النهي عن ما يشغل الإنسان عن الإستعداد للقاء الله .. و أكثر مايشغل العبد هو التكاثر أي يستكثر من كل شئ ليتباهى به بين الناس ..
كماَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ) رواه مسلم .
💦 فليس التكاثر في الأموال فقط ؛ بل كل ما يشغل الإنسان عن الدار الآخرة ..

💦 ومناسبتها للسورة التي قبلها ، فالسورة التي قبلها قسمت الناس إلى قسمين :
- من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية.
- مَن خفَّت موازينه فأمه هاوية.
❓فكيف تخف موازينه؟ ⭕عندما يشتغل بشيء لم يُخلق من أجله ، ويكون همُّه يُكاثر أي يتباهى ..  

🔮يقول الله - عز وجل : 📖 ﴿ *أَلْهَاكُمُ*﴾
💦 أي أشغلكم أيها الناس عمَّا خُلقتم لأجله.
📖﴿ *التَّكَاثُرُ*﴾
💦 أي تكاثركم.
⛔لم يقل : " ألهاكم التكاثر بالأموال "، أو " ألهاكم التكاثر بالأولاد " ، ليُبيِّن أنه يدخل فيها كل لون من ألوان التكاثر  .

📖 ﴿ *حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ*﴾، يعني حتى مُتُّم ثم دُفِنتم في مقابركم ، ولذلك قال: ﴿حَتَّى زُرْتُمُ﴾.
❓ لماذا سمى الدخول في القبر زيارة ؟
لأنه سبيل للآخرة .
و أنه سيكون وقتًا يسيرًا بالنسبة لما بعده ..
فالزيارة في العادة تكون وقتًا قليلًا .

📖 ﴿كَلاَّ﴾
💦 هذه ردع وزجر.

⛔ قاعدة في "كلا" :
إذا جاء قبلها شيء يُنهى عنه أو شيء يُزجر عنه ، فإنها تكون للزجر .
وإذا كانت لم تُسبَق بشيء من ذلك ، فإنها تكون بمعنى حقًّا.
هنا لما جاء قبلها ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ ، جاءت بمعنى الردع والزجر .
💦أي اتركوا هذا التكاثر الذي لا ينفعكم يوم أن تلقوا ربكم .

📖 ﴿ *كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ*﴾، ستعلمون عاقبة تكاثركم وأنه لن ينفعكم ..
⁉هل يُنادى يوم القيامة يقال هذا مجلس لأصحاب الأرصدة الضخمة ؟! هل تركب يوم القيامة مركبًا فاخرًا أو فارهًا أو توضع في مقدمة الناس بسبب كثرة أموالك في الدنيا؟! أبدًا لن يكون شيء من ذلك.

🔮ولذلك يقول سبحانه: 📖 ﴿ *سَوْفَ تَعْلَمُونَ*﴾
💦 عاقبة تكاثركم ، وأن هذا التكاثر كان مشغلة تلهيتم به عمَّا خُلقت لأجله.

🔮ثم يؤكد ذلك فيقول: 📖 ﴿ *ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ*﴾
💦تأكيدًا على أن الناس سيدركون حقيقة هذا التكاثر في الدار الآخرة.

💦 قال بعضهم: ﴿كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾، أي عندما تدخلون قبوركم ، ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ عندما تبعثون بين يدي الله -عز وجل .

🔮ثم قال سبحانه :
📖 ﴿ *كَلاَّ*﴾، "كلا" أيضًا 💦 ردع وزجر لهؤلاء..
💦 وهذا يدلنا على خطورة هذا الأمر الذي يتشاغل الناس به ؛ وتذهب أعمارهم وهم غير ملتفتين ؛ فالتكاثر هو أكثر ما يقضي على أعمار الناس ويذهب بلبِّ حياتهم فلا ينتفعون بها في الدار الآخرة.

🔮ولذلك قال سبحانه :   📖 ﴿ *كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ*﴾
💦 أي لو تعلمون الأمور علمًا يقينيًّا ما تشاغلتم بما تشاغلتم به مما لا ينفعكم في الدار الآخرة .

📖 ﴿ *لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ*﴾
💦 هذا قسم من الله -سبحانه وتعالى أنكم سترون الجحيم جميعًا.
و المعنى : إذا رأيتم الجحيم ورأيتم هول العذاب ؛ عرفتم أنه لا ينفعكم ولا ينجيكم من ذلك الجحيم إلا انشغالكم بما تدرؤون به العذاب عن أنفسكم .

📖 ﴿ *ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ*﴾ في تلك الحالة الخلق كلهم يذهلون ويصيبهم الفزع والرهبة العظيمة، ولا ينفعهم في تلك اللحظة إلا ما قربوه لربهم - سبحانه وتعالى.

👈🏽ولاحظوا هنا : جاءنا بعلم اليقين ، وهنا جاء بعين اليقين .
💦علم اليقين : هو ما تعلمه يقينًا بأنه واقع ، فأنت تعلم الآن أن هناك قارة اسمها استراليا ،
وهذا بيقين ..
لكن لم ترها ، فإذا رأيتها بنفسك يسمى "عين اليقين " ، فإذا دخلت فيها يسمى "حق اليقين". وهذه مراتب اليقين المذكورة في القرآن، علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين.

📖 ﴿ *ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ*﴾
يعني فإذا رأيتموها عين اليقين عرفتم أن ما كنتم تتلهون به وتكاثرون غيركم به لن يكون نافعًا لكم في تلك اللحظة.

📖 ﴿ *ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ*﴾.
💦﴿لَتُسْأَلُنَّ﴾ قسم، أي والله لتسألن جميعًا عن النعيم.
💦وأطلق النعيم ولم يحدده بنعيم معين ، أي يوم القيامة نسأل عن كل شيء أنعم الله به علينا، الصحة، الفراغ، الزوجة، الولد، الماء البارد، الهواء، الأمن، الوطن، النسب، الدين، اللغة، اللون، العين، الأذن، السيارة، كل هذا تسأل عنه.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنْ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ ) .
صححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

🌹وبهذا نكون وصلنا إلى نهاية هذه السورة الكريمة.

===============